الأحد، 30 أكتوبر 2011

8 – الحورية

كانت السلحفاة في ذلك اليوم الطويل متجه إلى أعماق البحر وكنت انا بداخلها حيث أن الصمامات تزودني بالهواء من دون ان يدخل الماء الى الغرفة (التجويف). سطح البحيرة مختلف تماما عن ما هو موجود في القاع بالنسبة الى التلوث البيئي القمري والأشعة الكونية ، في الأسفل حيث النقاء والصفاء تعيش طحالب وأسماك وحياة من نوع وطبيعة مختلفة. رأيت هذا عندما استطاعت (ص ع) من الغوص إلى اعماق القاع السفلي وكم كانت دهشتي عندما رأيت ما يتخيل الي انها حورية من حوريات البحيرة كانت بالنسبة لي كالحلم ، فلقد كانت تسبح ليس ببعيد عن مرآى عيني ولكن مرت بسرعة عجيبة. كانت ملامحها وهيئتها، الشكل العلوي لها مقارب من البشري والجزء السفلي مشابه للأسماك أي لها زعنفة وذيل وكما كان يتصور لنا ونحن صغارا في القصص.
في تلك الإثناء أردت الخروج من غرفة أو بطن السلحفاة (ص ع)، فدغدغت الجزء الذي يسمح بفتح الباب وخرجت لأتابع هذه الحورية وإنني على يقين بأنني سوف لن استطيع التنفس. كانت الغرابة اشد عندما وجدت نفسي حرا طليقا أسبح في عالم متناقض مع الطبيعة التي اعرفها. كنت قادرا على العوم والتحرك والتنفس بحرية كبيرة ولم يكن هناك من قيد او شرط من قبل الطبيعة او البشر. تابعت الطريق الذي سلكته الحورية ومن بعيد من حيث لا تدري فوجدتها تدخل مع باب كهف تحت الماء واختفت. سولت لي نفسي أن أتابع وأدخل الكهف فبعد تردد قمت بما يتوجب على المستكشف فعله من سلك طريق المخاطرة وعدم الرجوع الى نقطة البداية حيث السلحفاة كانت تناظرني وتنتظرني بعينيها وفيه شفقة وترحم على ماذا سوف يحصل.
لقد كان المدخل ضيقا قادني إلى بركة سباحة تحيط بها مساحة كبيرة من ارض صلبة. كانت الأجواء المحيطة تقودني ما بين شك ويقين إلى أن هناك من يعيش في هذا الموقع، فكل الدلائل تأكد مثل هذا ولكن لم أشاهد احد حول هذه المنطقة سوى تلك الحورية لبعض الوقت واختفت.
في أثناء التجول في ارض المغارة القمرية السحرية والتي تشبه الى حد ما مغارة جعيتا في لبنان ، سمعت صوتا يأتي من بعيد يقول لي بنبرة الخائف .. ماذا تريد أيها الغريب في أرضنا ومائنا ؟ لم أتمكن من تحديد اتجاه الصوت وذلك بفعل الصدى والذي يتلاطم بين صخور المغارة مثل أمواج البحر حينما تتلاحم مع الشطآن لا تعرف من أين تبدأ ولا أين تنتهي. بعد قليل من التردد أجبت الصوت بأنني أحببت ان أتعرف على سكان القمر بأنواعهم ومختلف طبقاتهم وهذا ما كنت افعله أيام ما كنت على الأرض مع ما يتعرض لي احيانا الى مشاكل وضغوط اجتماعية لا يجب ذكرها هنا. خرجت تلك الحورية من بين الصخور الجيرية وكانت مثل شدة بياض هذه الصخور الترسبية. كانت من الجمال الساحر من الشدة بحيث لم استطيع ان انظر في عينيها ولحظة نسيت فيها كلمات وقواعد اللغة. كان على رأس هذه الحورية ما يشبه اللاقط مربع الشكل يستطيع ان يفك شفرات أي لغة وأي حوار على سطح القمر مما ساعدني هذا الى التخاطب معها. عرفت هذا فيما بعد، فدار بيننا هذا الحوار:
الحورية: من انت وماذا تفعل هنا.
الارضي: اردت ان استكشف القمر في طريقي الى الهجرة خارج المجرة. واسمي انسان من سكان الارض، أعيش في ارض كلها .... كلها ... ( ضاع الكلام)
الحورية: المجرة وهجرة ! ماهذا الذي تقوله
المجرة التي نعيش بها هي ما يسمى بمجرة درب التبانة هي مجرة لولبية الشكل لها أذرع ضخمة عدة تلتف حول نتوء مركزي بسماكة 10,000 سنة ضوئية. إن الأرض والتي قدمت منها هي أحد كواكب النظام الشمسي.
الحورية: كل هذا حولنا
نعم ولذلك احببت ان اتعرف على الكون وانطلق برحلة الى المجهول من غير أي مؤونة ولا زول .. وكانت البداية هنا في القمر.
دار النقاش في المسائل الكونية وانتقل الحديث الى مسائل اعمق.

الخميس، 13 أكتوبر 2011

7 - الصمامات والعقد

بدأ اليوم الثاني بتوقيت الساعة التي البسها وانا في حالة من التعب الشديد فمنذ وصولي للقمر لم أذق طعم النوم الا القليل منه. في ذلك اليوم كانت الحرارة شديدة جدا ومرتفعة فدرجة الحرارة على سطح القمر تتراوح بين 100 درجة في النهار وفي الليل تنخفض الى ما دون 173 تحت الصفر مئوية، فبحثت عن صخرة كبيرة لعلي استطيع النوم في ظلها فالمناطق المظلمة على القمر تدعى ماريا وهي كلمة لاتينية تعني البحار (مفردها بحر)، اكتشف الإخوان رواد ابولو بأن هذه المناطق عبارة عن سهول ناعمة مع بعض حفر هنا وهناك. بحثت حول الجبل ووجدت صخرة ولكن ليست مثل أي صخرة، كان ارتفاع هذه الصخرة قريب جدا من مستوى سطح القمر وكانت في موقع ظل الجبل ولونها داكن. صعدت على هذه الصخرة وألقيت بجسمي المتعب عليها لعلي اخذ قسط من الراحة، لم يمر على استلقائي على ظهري سوى ثواني قليلة ولا أعلم ماذا كان بعد ذلك سوى إنني كنت في سبات عميق. أحسست بعدها أن لهيب الشمس قد بدا يحرق جسمي وأيقضني من نومي. لما فتحت عيني ونظرت حولي ووجدت أنني لم أكن في نفس المكان، وإن القمر من تحت جسدي يتحرك او أن رأسي به دوار وهو الشعور الذي يحسه أي إنسان بعد حفلة صاخبة ... لا أعرف ما هو. كانت المفاجأة الكبرى ان الارض التي انا عليها هي التي تتحرك بالفعل وأن المكان ليس هو المكان نفسه ... لقد كانت الارض عبارة عن ظهر سلحفاة كبيرة تتحرك باتجاه الوادي.
كانت هذه السلحفاة لها ظهر مسطح لونه مقارب الى لون الصخر وكانت تتحرك بسلسلة بها جنزير يخيل إليك إنها عربة عسكرية مجنزرة او دبابة وكان لها رأس مثل مدفع الهاون طويل ورشيق في أعلاه عينين على كل جانب. أما المؤخرة فكانت مثل صندوق السيارة الخلفي مربع الشكل يمكن لأي كائن بشري ارضي أو قمري بمثل حجمي الدخول فيه وهو يفتح من الداخل عن طريق الدغدغة لجزء صغير من أجزاء السلحفاة. لقد كان الجزء السفلي من السلحفاة شفافا تستطيع مشاهدة ماذا يحدث بالخارج بوضوح تام ولا يسمح بدخول المياه إليه وهو سميك جدا، ويمكن للهواء من الدخول والخروج من الصندوق عبر مسام وصمامات مصممة تصميما طبيعيا وفيها من التعقيد النظامي والعملي الشيء الكثير، وكانت هذه السلحفاة مسالمة جدا فهي تطيع من أطاعها وتعصى من عصاها (يذكرني هذا ببعض اعضاء البرلمانات العربية الكثيرة والمنتشرة في عالمنا العربي). عرفت كل هذا عند استخدامي لهذه السلحفاة في التنقل على سطح القمر وتحت سطح البحيرة.
فيما بعد استخدمت السلحفاة في التنقل والمبيت بداخلها من غير أجرة ، لذلك بعد ذهابنا الى الوادي لاحظت إنها تشرب من المياه الملوثة ولا يحصل لها شيء .. استنتجت أن لها نظام مائي وقمري أيضا معقد جدا لم استطيع أن أفك رموزه إلى يومنا هذا فأحببت أن أعطى هذه السلحفاة اسما وهو (أم الصمامات والعقد)، وسوف ارمز لها إلى (ص ع)، فقلت في نفسي لا بد أن احد من اليابانيين أو من جزيرة "سلم لي عليه" قد وصل إلى هنا ولكن التاريخ تجاهل هذه الواقعة كما هو متبع لدينا لأنه كما نعلم أول من زار القمر كانت المركبة الفضائية السوفيتية لونا 2 في عام 1959، وأول هبوط على سطحه كان في 20 يوليو 1969 بالرحلة الأمريكية الشهيرة أبوللو 11، وربما أيضا للسفينة الأمريكية لها علاقة بوجود