الخميس، 17 نوفمبر 2011

9 - الهجرة الى الخارج

عندما إستمر الحديث مع الحورية كانت اتسائل عن من هو المتسبب عن خروج هذه الكائنات إلى خارج النطاق الأرضي وتهجيرها وأستيطانها في الفضاء الخارجي .. لم يغب عن البال إعجابي الشديد بالرواية الجميلة التي سجلت اجمل السطور هي "قهوة عربي" تحكي كيف كان حال القهوة في موطنها الأصلي وهجرتها إلى العالم الخارجي والرجوع إليه مرة اخرى بشكل ونكهة جديدة ولكن بأسماء جديدة. تذكرت رواية موسم الهجرة الى الشمال ، وعصفور من الشرق ، وكذلك رواية شيجاجو .. وسفينة نوح والكثير التي تحاكي موضوع الهجرة إلى الخارج ومحاولة الصراع من أجله وفي سبيله ، فالإنسان مع ذلك يقوم بالتمسك بالقيم التي نشأ عليها مهما ذاب في مجتمعه الجديد ، فإنه يرجع إلى أصله كما هي كذلك سنة الحياة في الإنسان .. ينشئ طفلا ويرجع طفل. عندها وجدت الجواب أن هذه المخلوقات لديها إحساس فطري بالإرتباط مع الارض أين ما كانت ،  المهم إنها تكون عليها وتحت سمائها في حرية طليقة تتنقل بدون حجوزات سفر أو تصريح أو شهادة مغادرة إلى مكان أخر. المهم إنها تنطلق بقطار السفر بأي إتجاه وتعود متى تشاء ومتى ارادت .. ومع ذلك تبقي هي ذاتها. إذاً ما هو الفرق بين المخلوقات جميعا .. عندما افقت من هذا الفكر المتضارب أدركت حينها أن بعقولنا وعن طريق التخيل نستطيع ان نتنقل ونسافر ونكون كذلك احرار.

الأحد، 30 أكتوبر 2011

8 – الحورية

كانت السلحفاة في ذلك اليوم الطويل متجه إلى أعماق البحر وكنت انا بداخلها حيث أن الصمامات تزودني بالهواء من دون ان يدخل الماء الى الغرفة (التجويف). سطح البحيرة مختلف تماما عن ما هو موجود في القاع بالنسبة الى التلوث البيئي القمري والأشعة الكونية ، في الأسفل حيث النقاء والصفاء تعيش طحالب وأسماك وحياة من نوع وطبيعة مختلفة. رأيت هذا عندما استطاعت (ص ع) من الغوص إلى اعماق القاع السفلي وكم كانت دهشتي عندما رأيت ما يتخيل الي انها حورية من حوريات البحيرة كانت بالنسبة لي كالحلم ، فلقد كانت تسبح ليس ببعيد عن مرآى عيني ولكن مرت بسرعة عجيبة. كانت ملامحها وهيئتها، الشكل العلوي لها مقارب من البشري والجزء السفلي مشابه للأسماك أي لها زعنفة وذيل وكما كان يتصور لنا ونحن صغارا في القصص.
في تلك الإثناء أردت الخروج من غرفة أو بطن السلحفاة (ص ع)، فدغدغت الجزء الذي يسمح بفتح الباب وخرجت لأتابع هذه الحورية وإنني على يقين بأنني سوف لن استطيع التنفس. كانت الغرابة اشد عندما وجدت نفسي حرا طليقا أسبح في عالم متناقض مع الطبيعة التي اعرفها. كنت قادرا على العوم والتحرك والتنفس بحرية كبيرة ولم يكن هناك من قيد او شرط من قبل الطبيعة او البشر. تابعت الطريق الذي سلكته الحورية ومن بعيد من حيث لا تدري فوجدتها تدخل مع باب كهف تحت الماء واختفت. سولت لي نفسي أن أتابع وأدخل الكهف فبعد تردد قمت بما يتوجب على المستكشف فعله من سلك طريق المخاطرة وعدم الرجوع الى نقطة البداية حيث السلحفاة كانت تناظرني وتنتظرني بعينيها وفيه شفقة وترحم على ماذا سوف يحصل.
لقد كان المدخل ضيقا قادني إلى بركة سباحة تحيط بها مساحة كبيرة من ارض صلبة. كانت الأجواء المحيطة تقودني ما بين شك ويقين إلى أن هناك من يعيش في هذا الموقع، فكل الدلائل تأكد مثل هذا ولكن لم أشاهد احد حول هذه المنطقة سوى تلك الحورية لبعض الوقت واختفت.
في أثناء التجول في ارض المغارة القمرية السحرية والتي تشبه الى حد ما مغارة جعيتا في لبنان ، سمعت صوتا يأتي من بعيد يقول لي بنبرة الخائف .. ماذا تريد أيها الغريب في أرضنا ومائنا ؟ لم أتمكن من تحديد اتجاه الصوت وذلك بفعل الصدى والذي يتلاطم بين صخور المغارة مثل أمواج البحر حينما تتلاحم مع الشطآن لا تعرف من أين تبدأ ولا أين تنتهي. بعد قليل من التردد أجبت الصوت بأنني أحببت ان أتعرف على سكان القمر بأنواعهم ومختلف طبقاتهم وهذا ما كنت افعله أيام ما كنت على الأرض مع ما يتعرض لي احيانا الى مشاكل وضغوط اجتماعية لا يجب ذكرها هنا. خرجت تلك الحورية من بين الصخور الجيرية وكانت مثل شدة بياض هذه الصخور الترسبية. كانت من الجمال الساحر من الشدة بحيث لم استطيع ان انظر في عينيها ولحظة نسيت فيها كلمات وقواعد اللغة. كان على رأس هذه الحورية ما يشبه اللاقط مربع الشكل يستطيع ان يفك شفرات أي لغة وأي حوار على سطح القمر مما ساعدني هذا الى التخاطب معها. عرفت هذا فيما بعد، فدار بيننا هذا الحوار:
الحورية: من انت وماذا تفعل هنا.
الارضي: اردت ان استكشف القمر في طريقي الى الهجرة خارج المجرة. واسمي انسان من سكان الارض، أعيش في ارض كلها .... كلها ... ( ضاع الكلام)
الحورية: المجرة وهجرة ! ماهذا الذي تقوله
المجرة التي نعيش بها هي ما يسمى بمجرة درب التبانة هي مجرة لولبية الشكل لها أذرع ضخمة عدة تلتف حول نتوء مركزي بسماكة 10,000 سنة ضوئية. إن الأرض والتي قدمت منها هي أحد كواكب النظام الشمسي.
الحورية: كل هذا حولنا
نعم ولذلك احببت ان اتعرف على الكون وانطلق برحلة الى المجهول من غير أي مؤونة ولا زول .. وكانت البداية هنا في القمر.
دار النقاش في المسائل الكونية وانتقل الحديث الى مسائل اعمق.

الخميس، 13 أكتوبر 2011

7 - الصمامات والعقد

بدأ اليوم الثاني بتوقيت الساعة التي البسها وانا في حالة من التعب الشديد فمنذ وصولي للقمر لم أذق طعم النوم الا القليل منه. في ذلك اليوم كانت الحرارة شديدة جدا ومرتفعة فدرجة الحرارة على سطح القمر تتراوح بين 100 درجة في النهار وفي الليل تنخفض الى ما دون 173 تحت الصفر مئوية، فبحثت عن صخرة كبيرة لعلي استطيع النوم في ظلها فالمناطق المظلمة على القمر تدعى ماريا وهي كلمة لاتينية تعني البحار (مفردها بحر)، اكتشف الإخوان رواد ابولو بأن هذه المناطق عبارة عن سهول ناعمة مع بعض حفر هنا وهناك. بحثت حول الجبل ووجدت صخرة ولكن ليست مثل أي صخرة، كان ارتفاع هذه الصخرة قريب جدا من مستوى سطح القمر وكانت في موقع ظل الجبل ولونها داكن. صعدت على هذه الصخرة وألقيت بجسمي المتعب عليها لعلي اخذ قسط من الراحة، لم يمر على استلقائي على ظهري سوى ثواني قليلة ولا أعلم ماذا كان بعد ذلك سوى إنني كنت في سبات عميق. أحسست بعدها أن لهيب الشمس قد بدا يحرق جسمي وأيقضني من نومي. لما فتحت عيني ونظرت حولي ووجدت أنني لم أكن في نفس المكان، وإن القمر من تحت جسدي يتحرك او أن رأسي به دوار وهو الشعور الذي يحسه أي إنسان بعد حفلة صاخبة ... لا أعرف ما هو. كانت المفاجأة الكبرى ان الارض التي انا عليها هي التي تتحرك بالفعل وأن المكان ليس هو المكان نفسه ... لقد كانت الارض عبارة عن ظهر سلحفاة كبيرة تتحرك باتجاه الوادي.
كانت هذه السلحفاة لها ظهر مسطح لونه مقارب الى لون الصخر وكانت تتحرك بسلسلة بها جنزير يخيل إليك إنها عربة عسكرية مجنزرة او دبابة وكان لها رأس مثل مدفع الهاون طويل ورشيق في أعلاه عينين على كل جانب. أما المؤخرة فكانت مثل صندوق السيارة الخلفي مربع الشكل يمكن لأي كائن بشري ارضي أو قمري بمثل حجمي الدخول فيه وهو يفتح من الداخل عن طريق الدغدغة لجزء صغير من أجزاء السلحفاة. لقد كان الجزء السفلي من السلحفاة شفافا تستطيع مشاهدة ماذا يحدث بالخارج بوضوح تام ولا يسمح بدخول المياه إليه وهو سميك جدا، ويمكن للهواء من الدخول والخروج من الصندوق عبر مسام وصمامات مصممة تصميما طبيعيا وفيها من التعقيد النظامي والعملي الشيء الكثير، وكانت هذه السلحفاة مسالمة جدا فهي تطيع من أطاعها وتعصى من عصاها (يذكرني هذا ببعض اعضاء البرلمانات العربية الكثيرة والمنتشرة في عالمنا العربي). عرفت كل هذا عند استخدامي لهذه السلحفاة في التنقل على سطح القمر وتحت سطح البحيرة.
فيما بعد استخدمت السلحفاة في التنقل والمبيت بداخلها من غير أجرة ، لذلك بعد ذهابنا الى الوادي لاحظت إنها تشرب من المياه الملوثة ولا يحصل لها شيء .. استنتجت أن لها نظام مائي وقمري أيضا معقد جدا لم استطيع أن أفك رموزه إلى يومنا هذا فأحببت أن أعطى هذه السلحفاة اسما وهو (أم الصمامات والعقد)، وسوف ارمز لها إلى (ص ع)، فقلت في نفسي لا بد أن احد من اليابانيين أو من جزيرة "سلم لي عليه" قد وصل إلى هنا ولكن التاريخ تجاهل هذه الواقعة كما هو متبع لدينا لأنه كما نعلم أول من زار القمر كانت المركبة الفضائية السوفيتية لونا 2 في عام 1959، وأول هبوط على سطحه كان في 20 يوليو 1969 بالرحلة الأمريكية الشهيرة أبوللو 11، وربما أيضا للسفينة الأمريكية لها علاقة بوجود

السبت، 24 سبتمبر 2011

6 - أم لدغة

جلسنا تلك الليلة ، وهي اخر ليلة ويبدأ بعدها النهار بطول خمسة عشر يوما ارضي ، أنا وصاحبة العين الحمراء نتباحث في شئون الحياة وماذا يدور حولها من قمرية وأرضية وغيرها تهم المجتمعين البشري والباعوضي ، فلدى الباعوض مشاكل بمثل ما عندنا نحن البشر.
كان الوضع في هذا الاحتفال غريبا من جميع الأطراف والنواحي حيث شاهدت باعوض يذهب ولا يرجع والقليل منهم يعود وهو في حالة أخرى حتى لاحظت أن موقع الاحتفال كان شبه خالي إلا من عدد قليل منهم وأنا وأم لدغة (عرفت إسمها بعد فترة من الحديث معها). لقد كانت أم لدغة في حالة ووضع شك كبير، ولم يطل التفكير في ما يدور في خلد الست باعوضة حتى مدت يدها وأمسكت بيدي بقوة وحاولت أن تجذبني إليها في محاولة أن تطبع قبلة على وجنتي. تعذرت منها وقلت لها إنني لم أتسوك منذ وصولي إلى القمر وكذلك احدث نفسي من مخافة انتقال مرض الملاريا إلي ، فتراجعت عني وعن وضع القبلة.
لقد كان اشراقة الشمس في بداية نهار طويل على القمر تأثير كبير جدا على تواجد الباعوض على سطحه، فلم تكن ثواني من انتشار اشعة الشمس على الجانب الذي كنا به حتى لاحظت انه يركض إلى بيوته والتي تقع بالقرب من مياه الوادي ومخلفا من ورائه كل شراب ومأكل وآلات طرب ومغنى، وبذلك تخلصت من المعلمة أم لدغة والباعوض بأسره. لقد كانت ليلة طويلة جدا علي، وللمعلومة أن نهار القمر يعادل نصف شهر أرضي أي خمسة عشر يوما وليله كذلك بسبب أن القمر يواجه الأرض دائما بوجه واحد لا يتغير في أثناء دورانه في فلكه حول الأرض وأثناء حركته معها في فلكها، تماما مثل الأرض إذ نصفها يكون نهارا ويكون النصف الآخر ليلا، ولكن بسبب دوران الأرض على محورها مرة كل يوم أرضي فيتقلب الليل على النهار والنهار على الليل مرة كل يوم كذلك، إي أن اليوم القمري يساوي شهرا قمريا بالنسبة لاهل الارض.

الجمعة، 16 سبتمبر 2011

5 - المعلمة

وجدت باعوضة في الأربعينات من العمر أنثي مؤدبة وصاحبة علم ومعرفة فجلسنا نتناقش في مواضيع عدة فدار هذا الحديث:
هي: من أين أنت ؟
أنا: من الأرض ... وأنتِ أيتها الأخت ( قلت هذا متردداً ) ؟
هي: كنا في قديم الزمان نعيش هناك على الكوكب الأرضي ولكن الله يسامح ارمسترونج وشلته هم السبب في تواجدنا هنا .. فلقد أحضرونا معهم إلى القمر وكنا صغارا لا نفقه شيئا في الحياة تقدر تقول شرانق متشرنقة مجمعة ومصفوفة في صفين ومكتوب على الصندوق أبوعين.
انا: حسبي الله ونعم الوكيل ... طيب لماذا انتم بهذا الشكل ؟ يوجد على كوكبنا الارضي باعوض ولكن ليس بنفس الصفات والحجم.
هي: لقد رشوا علينا مبيد كيميائي كان اسمه "تيتي تيتي لا رحتِ ولا جيتي" وهو مركب كيميائي خطير جدا اخطر من البرتقالي، ولا يصنع إلا تحت حراسة مشددة في صحراء نيفادا الهنكر 16 وهو الذي غير إشكالنا وأحجامنا إلى هذا الذي تراه ..
(في هذه الأثناء كان واحد من المباحث الباعوضية يتجسس ويتنصت على كلامنا فلم نعيره أي انتباه عرفت ذلك من خلال عينه التي لا تستقر وكذلك من خلال المسباح التي يلعب بها بين يديه وهي من الرخيصة ابو ريالين)
أنا: طيب وبعدين ... أليس هناك من جمعية لحقوق الباعوض تستطيعون أن تشتكون إليها.
هي: جمعية ؟ هههههههه بصوت عالي وقهقهت حتى بانت لي نواجذها على ما اعتقد ... جمعية أيه يا حج ..
انا: (لقد عرفت إنني وقعت في مطب محرج جدا مع بنت الحلال الباعوضة وذلك من خلال رعشة في اليد وخفقان في القلب وتصبب العرق من جبيني فاستدركت الموقف) وقلت .. طيب وبعدين ( والابتسامة تعلو محياي).
هي: تشرب شاي ؟
انا: سوف احضر لك كأس من الشاي ... تريدينه احمر ام اخضر.
هي: اخضر
انا: سوف أعود إليك بعد قليل.
ذهبت إلى موقع الذي به المشروبات الغازية والغير غازية والروحية والغير روحية والمأكولات المحرمة والغير محرمة. طلبت من الجارسون أن تعمل لي اثنين شاي واحد احمر وواحد اخضر والحلا برا وواحد سندوتش زعتر جبلي. في أثناء ذلك لمحت المعلمة الجليلة والتي كنت أتحدث معها منذ قليل تصلح من هندامها ومكياجها فاعتراني الخوف والشبهة ، فتصنعت إنني لا انظر إليها. بعد قليل أتاني الطلب وكان على الصحن ورقة صغيرة عليها رقم جوال الجارسون. تعوذت من الباعوض الجرسوني القمري ومشيت إلى أن أصبحت قريبا من السيدة المبجلة.
مددت يدي لأعطيها كأس الشاي الأخضر فلامست يدي يدها وشاهدت بسمة خفيفة على وجهها واحمرارا على وجنتيها.
قلت: تفضلي الشاي ... هل تريدين مشاطرتي في الساندويتش.
قالت: شكرا ... وهي تناظرني بعينها الحمراء .. كلما رمشت بعينها الوحيدة كنت لا اعلم أهي غمزه أو رمشه ... فجلست حائرا أفكر بتلك العين وما سوف يأتي بعد العين.

السبت، 3 سبتمبر 2011

4 – السهرة الكبيرة

اتى الليل على القمر وأسدل عليه ظلام دامس وجلست وحيدا أعد نجوم السماء الساطعة والتي لا تشوبها أدخنة أو سحب صناعية، وسكن بذلك النمل القمري.
هذه هي الليلة الأولى والتي أنام فيها خارج نطاق كوكبنا الأرضي. لم اعلم ان هناك باعوض ليلي قمري إلا عندما قربت بعوضة إلى أذني وبدلا من أزيزها المزعج وجدتها تهمس في أذني اليسرى تهاتف وتقول " أفق خفيف الظل هذا السحر ... لا .. لا دعي النوم وناجي الوتر" تخيلت منذ الوهلة الأولى إنني أحلم ، ولكن تكرر المشهد لأكثر من مرة حتى أفقت من سبات عميق من شدة التعب ، لأشاهد بأم عيني باعوض كثير على شكل دائرة كبيرة يتجمعون حول نار مشتعلة تضيء ما حولها. فجعت ، وتعوذت من البعوض القمري لأن أحجامها كانت كبيرة وأشكالها كانت غريبة جدا ، فليس لها أجنحة ، وليس لها إلا عين واحدة دائرية لونها أحمر تدور في جوف لونه اسود مثل عيون الحرباء تستطيع أن تقول مثل حبة الكرز السويسري في صحن اسود الصيني. بعضها يلبس نظارة مكبرة ، لها أربعة أيادي ماسكة بإحداها كأس ، وأربعة أقدام ، أما الوجه فهو شمسي (لا استطيع القول انه قمري ونحن على سطح القمر) فيه فم بدون شفايف به في الأعلى أسنان أربعة مصفوفة على شكل مثلث ومثلها في الأسفل وشكل الأسنان مثل الدبابيس.
لقد شاهدتني إحداهن وطلبت مني مشاركتهن في الغناء والرقص الباعوضي القمري … فلم يكن ردي لهذه الدعوة سوى ان ألبيها. كان البعض منهم سكارى وفي حالة مزرية جدا والبعض الأخر ما بين وبين يسمعون إلى مطربتهم العجوز وهي تغني مع فرقتها الخاصة. من أجمل أغانيها التي سمعتها وأنا على سطح القمر "طار بالهوى شاشي" و "يا نار شبي من ضلوعي" و "الفراولة" وأخيرا "البرتقالة" .. طبعا كذلك وصلات غنائية وموسيقية قديمة نوعا ما. ذكرتني هذه الاغاني ايام قضيتها في مصر قبل عصر الكرسي الثابت المتحرك.
كان البعض منهم لا يشرب فعرفت إنهم مباحث باعوضية لا غنى عنها ومن التنصت على جنسها وقومها ، فعرفت إننا بخير وسعادة فحمدت الله على هذه النعمة.
في تلك الأثناء الماجنة قامت واحدة من الباعوضات وكان لها جسم رشيق وسيقان طويلة ولباس أنيق بالتحرش بي ومغازلتي علنا ، فلقد كانت تحت تأثير الشراب فعرفت إنها مومس ليل باعوضي فتحاشيتها مخافة القال والقيل وخوفا على سمعتي الأرضية ، فإنني في هذا الموقع على القمر أمثل جميع أطياف وأجناس البشر كافة.

الأحد، 28 أغسطس 2011

3 - شرابة

يوجد في ذلك الوادي مياه غير صالحة للشرب والاستخدام القمري او البشري (طبعا انا الوحيد في ذلك الوقت) وذلك بفعل سقوط النيازك والأشعة البنفسجية، الحمراء، الصفراء وجميع ألوان الطيف والتي تأتي من الخارج مؤثرة بهذه المياه. كيف عرفت أن هذه المياه ملوثة ؟ لقد اصطدت نملة كبيرة ولقد أسميتها " شرابه " وهي من نمل الوادي وأجبرتها على الشرب من هذه المياه بالقوة وذلك بمنعها من التجمعات النملية إذا لم تنفذ الأوامر الصادرة مني ..... المفاجئة كانت مذهلة .. فلقد انتفخ بطن النملة التي لا تشبع ، وبعد فترة وجدتها تجلس القرفصاء وتولول وتغني على الأيام الخوالي ... فاستنتجت بحسب معرفتي الأرضية المسبقة وعرفت أن النملة المسكينة " شرابه " على شفى الموت.
أكثر ما لفت انتباهي على القمر هو السكون المطبق الذي يسبق العاصفة. جلست على صخرة بركانية باردة ولم يكن هناك أي صوت ، أتأمل واحلم كيف استطيع أن احكم هذا العالم النملي وأن افوز في الانتخابات القمرية النملية بنسبة لا تقل عن 99% .. فجأة وجدت رأسي قد شج من جراء حجر وقع عليه من الفضاء الخارجي. رفعت راسي إلى الأعلى لأجد من حذفه وتوقعت أن يكون من أولاد الحارة الأشقياء كما هو متبع على أرضنا وفي حارتنا على وجه الخصوص عندما أسير في الشارع ... فلم أجد أحدا ... فطار قلبي من الفرح وحمدت الله على انه قضاء وقدر، وحمدت الله كثيرا على انه حجر صغير وليس مثل القنابل العنقودية والبلاستيكية والثومية أو القومية أو الاشتراكية والرأسمالية والعلمانية التي تتساقط بشكل شبه يومي علينا بسبب وبدون سبب ... لهذا لم العن ولم اسب احد وهذا للمعلومة أول مرة أقوم بمسك لساني. الغريب أن النمل لم يكن متواجدا لحظة سقوط الحجارة النيزكية، ولقد استنتجت لاحقا أن لديها رادارات طبيعية تتفوق على مثيلاتها في كوكبنا الأرضي خاصة الموجودة لدينا في عالمنا العربي ، من خلال مشاهدتي للنمل من بعد حيث كلما رميت عليها حجرا (لم يكن لدي بندقية صيد) لاصطادها تهرب في الاتجاه الأخر وتطالعني بطرف عينها الحمراء. فكرت أن اصطاد عدد غير بسيط من النمل واسلخ ظهورها التي يوجد بها الرادار الطبيعي وأوزعه على العرب بعد موافقة القوى العظمى طبعا.
وعلى فكرة القوى العظمى وجدت أثناء تجوالي العلم الأمريكي المنصوب عن طريق الرحالة الأخ ارمسترونج والذي سبقني الى القمر على متن السفينة الشراعية "ابولو 11" والملاحظ انه سليم لم يتقطع بمثل اهتمامنا بأعلامنا في أوطاننا. استنتجت في هذه اللحظة انني لست اول من يقوم برحلة إلى الفضاء وإنه تم الضحك علي من قبل وزارة الانطلاق الفضائي لخارج المجرة فهي المسؤولة عن برنامج الرحلة وهذا امر طبيعي بالنسبة لي كمواطن عربي.
لقد مكثت على القمر قرابة ثلاثة أيام بلياليها ولقد استخدمت النمل مرة أخرى في التنقل هنا وهناك فكما ذكرت سابقا أن النمل كبيرا جدا ومسالم ويأتي في حجم اللاما (على شكل جمل صغير ونسميه الحاشي) وهي من صفات النمل القمري.