السبت، 3 سبتمبر 2011

4 – السهرة الكبيرة

اتى الليل على القمر وأسدل عليه ظلام دامس وجلست وحيدا أعد نجوم السماء الساطعة والتي لا تشوبها أدخنة أو سحب صناعية، وسكن بذلك النمل القمري.
هذه هي الليلة الأولى والتي أنام فيها خارج نطاق كوكبنا الأرضي. لم اعلم ان هناك باعوض ليلي قمري إلا عندما قربت بعوضة إلى أذني وبدلا من أزيزها المزعج وجدتها تهمس في أذني اليسرى تهاتف وتقول " أفق خفيف الظل هذا السحر ... لا .. لا دعي النوم وناجي الوتر" تخيلت منذ الوهلة الأولى إنني أحلم ، ولكن تكرر المشهد لأكثر من مرة حتى أفقت من سبات عميق من شدة التعب ، لأشاهد بأم عيني باعوض كثير على شكل دائرة كبيرة يتجمعون حول نار مشتعلة تضيء ما حولها. فجعت ، وتعوذت من البعوض القمري لأن أحجامها كانت كبيرة وأشكالها كانت غريبة جدا ، فليس لها أجنحة ، وليس لها إلا عين واحدة دائرية لونها أحمر تدور في جوف لونه اسود مثل عيون الحرباء تستطيع أن تقول مثل حبة الكرز السويسري في صحن اسود الصيني. بعضها يلبس نظارة مكبرة ، لها أربعة أيادي ماسكة بإحداها كأس ، وأربعة أقدام ، أما الوجه فهو شمسي (لا استطيع القول انه قمري ونحن على سطح القمر) فيه فم بدون شفايف به في الأعلى أسنان أربعة مصفوفة على شكل مثلث ومثلها في الأسفل وشكل الأسنان مثل الدبابيس.
لقد شاهدتني إحداهن وطلبت مني مشاركتهن في الغناء والرقص الباعوضي القمري … فلم يكن ردي لهذه الدعوة سوى ان ألبيها. كان البعض منهم سكارى وفي حالة مزرية جدا والبعض الأخر ما بين وبين يسمعون إلى مطربتهم العجوز وهي تغني مع فرقتها الخاصة. من أجمل أغانيها التي سمعتها وأنا على سطح القمر "طار بالهوى شاشي" و "يا نار شبي من ضلوعي" و "الفراولة" وأخيرا "البرتقالة" .. طبعا كذلك وصلات غنائية وموسيقية قديمة نوعا ما. ذكرتني هذه الاغاني ايام قضيتها في مصر قبل عصر الكرسي الثابت المتحرك.
كان البعض منهم لا يشرب فعرفت إنهم مباحث باعوضية لا غنى عنها ومن التنصت على جنسها وقومها ، فعرفت إننا بخير وسعادة فحمدت الله على هذه النعمة.
في تلك الأثناء الماجنة قامت واحدة من الباعوضات وكان لها جسم رشيق وسيقان طويلة ولباس أنيق بالتحرش بي ومغازلتي علنا ، فلقد كانت تحت تأثير الشراب فعرفت إنها مومس ليل باعوضي فتحاشيتها مخافة القال والقيل وخوفا على سمعتي الأرضية ، فإنني في هذا الموقع على القمر أمثل جميع أطياف وأجناس البشر كافة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق